تمر الكرة المصرية في الوقت الحالي بأصعب أوقاتها على الاطلاق وأصبحت السمعة الجيدة التي حققها المنتخب الوطني في بطولة 2008 على المحك بعد سلسلة الاخفاقات التي قدمها رجال إتحاد الكرة الى منافسيهم ومنتقديهم على طبق من ذهب منذ نهاية كأس الامم الافريقية 2008.
من المعروف في جميع انحاء العالم ان النجاح يؤدي الى نجاح طالما كان الانجاز قائم على تخطيط مسبق واسلوب علمي في الصعود يؤدي الى الفوز .. ولكن للأسف عندما يكون الانجاز قائم على رمية من غير رام فتكون دائما النتيجة غرور وتخط ومحاولة لإستغلال النجاح من أجل تحقيق أفضل ربح في أقل وقت قبل ان يزول "قيراط الحظ" ويذهب الى ادراج الريح.
وبنظرة موضوعية بعيدة تماما عن جلد الذات نجد ان كل فوز وانجاز في الرياضة المصرية لابد ان يتبعه سلسلة متتالية من الاخفاقات فمن الفشل المتكرر لمنتخب اليد منذ أعوام الى انهيار كرم جابر بعد 2004 مرورا في فشل البعثة المصرية بشكل عام على الرغم من الناج المذهل الذي تحقق في 2004 وهو مانسميه رمية من غير رام لتثبت البعثة المصرية في بكين 2008 ان ما تحقق في اثينا 2004 كان بدون أي تخطيط وليس كما تفضل علينا رعاة الرياضة في مصر بأنه أول الغيث.
وفي كرة القدم المصرية تبدو الصورة أوضح بكثير فجميع من أسعدهم الحظ بمشاهدة مصر في كأس العالم 1990 يتذكرون جيدا تصريحات مسئولي الكرة المصرية حول ان مصر في 1994 سيكون هدفها الوصول الى المربع الذهبي واننا وضعنا قدمينا على اول الطريق ولن نتراجع حتى نكون من الأربعة الكبار .. ولأن الانجاز كان بدون تخطيط مازلنا نحلم بالوصول مرة أخرى الى كأس العالم .
ومع قدوم 1998 والذي تحقق فيه انجاز الفوز بكأس الامم الافريقية في بوركينا فاسو خرجت علينا تصريحات مسئولي الكرة المصرية بأننا سنذهب الى المكسيك لننافس على كأس العالم للقارات واننا وضعنا اقدامنا على اول طريق العالمية لتستيقظ الجماهير المصرية على صدمة الهزيمة الكبيرة من السعودية وبخماسية كانت بمثابة اللطمة على وجه مسئولي إتحاد كرة القدم.
والغريب انه بعد تحقق انجاز 2006 مرت الكرة بحالة من الهدوء بسبب بعد المنتخب المصري عن المشاركات ولكن بعد الفوز الكبير الذي تحقق في 2008 نجد الاحداث وهي تتوالى بشكل غير عادي وبطريقة أفلام الاكشن ليظهر للعيان مرة أخرى الوجه القبيح للرياضة المصرية والكرة المصرية بشكل خاص.
فبعد تحقيق انجاز 2008 اعتبر مسئولي الكرة المصرية ومعهم المعلم حسن شحاتة ان المنتخب المصري قد تحول الى ملكية خاصة وعزبة يديروها بشكل منفرد من أجل تحقيق افضل الارباح لهم .. فتوالت الفضائح بشكل غير متوقع وبأسلوب لم يجعل للحياء مكان في وجوه مسئولي الكرة المصرية.
فنجد مسئولي الاتحاد يسرقون الفرحة المصرية بمنتخب بلادهم ويذهبوا الى دبي من اجل الاحتفال بالمنتخب المصري هناك بعيدا عن الجماهير التي ساندتهم طوال المشوار الصعب .. ولايكاد تمر أيام على هذه الفضيحة حتى تظهر فضيحة عصام الحضري ومقادر التواطأ الذي قام به مسئولي المنتخب من أجل تسهيل هرب الحارس من مصر الى سويسرا والتعامل البارد من قبل اتحاد كرة القدم تجاه الموضوع وكأنه ليس طرف نهائيا في الأمر.. بل لقد وصل الامر الى مساندة علنية من الجميع للحارس الهارب وذلك فقط من أجل تحقيق مصلحة شلة المنتفعين بالمنتخب المصري.
وبعدها يظهر نفس التواطأ من اتحاد كرة القدم في قضية اللاعب حسني عبد ربه ليصل التبجح الى ان يخرج نائب رئيس اتحاد كرة القدم ويقول ان حسني عبد ربه من حق ستراسبورج ولكنهم لن يرسلوا البطاقة الى الاتحاد الفرنسي .. وضرب الاتحاد في القضية بجميع اللوائح عرض الحائط من أجل ان يحرم الأهلي من اللاعب وتجاهل جميع قرارات الفيفا حتى وصل النادي الفرنسي الى مرحلة اليأس ورضخ للتصالح ليبتعد عن المشاكل مع قرار معلن في النادي الفرنسي بعدم التعامل مع اتحاد كرة القدم المصري في المستقبل.
ولا تكاد تنتهي الازمة حتى تخرج الى السطح أزمة اللاعب هاني سعيد ليختلف رد فعل اتحاد كرة القدم 180 درجة بعد مساندة رغبة اللاعب في ازمة حسني على حساب العقود الموثقة ساند اتحاد كرة القدم العقود الموثقة في أزمة هاني سعيد على حساب رغبة اللاعب وكأن رغبة اللاعب هي مجرد شماعة تم استخدامها في ازمة حسني عبد ربه والقيت في صفيحة القمامة في ازمة هاني سعيد .. بل لقد وصل الامر الى تهديد اللاعب رسميا بالايقاف لمدة 6 شهور وعدم تمثيل المنتخب المصري .. ومن قالوا هذا التهديد هم أنفسهم من رفضوا ان يتدخل المنتخب في أزمة عصام الحضري وقالوا ان المنتخب ليس له أي علاقة بمشاكل اللاعبين مع أنديتهم .. لتكون أزمة هاني سعيد هي ورقة التوت التي سقطت فاظهرت عورات رجال الاتحاد امام الجميع لتظهر سياسة الكيل بمكيالين في دهاليز اتحاد كرة القدم.
ربما يكون المقال مكرر وكتبه قبلي المئات وتعرفه جماهير الكرة المصرية في كل مكان .. ولكن استرجاع الاحداث أمر ضروري للغاية من أجل ان نعرف اسباب الاهداف الاربعة التي دخلت الشباك المصرية في مباراة السودان وهي الاهداف التي لم تحدث من قبل في اي مباراة مع المنتخب السوداني .. الأهداف لم تدخل شباك المنتخب المصري ولكنها مزقت شباك إتحاد الكرة المصري الذي أعتبر ان الكرة المصرية قد أصبحت "عزبة إتحاد الكرة" يتحرك بها كيف يشاء ويتلاعب بالقانون من أجل تحقيق مكاسب لمسئوليه بالطريقة التي يريد.. فترك الجميع مسئوليتهم من أجل محاربة قناة النادي الأهلي ومنع انضمام اللاعب الفلاني الى القلعة الحمراء واجبار لاعب اخر على الانضمام الى القلعة البيضاء من اجل مصالح انتخابية .. ليجد المنتخب المصري نفسه يتيما بدون أي راع خاصة مع تفرغ مديره الفني الى الاعلانات ومساعدة ابنه في التعاقد مع لاعبي المنتخب من أجل تحقيق مصلحته الانتخابية فتاه منتخب مصر وظهر حسن شحاته بمظهر المدرب حديث العهد بالتدريب وكانت الرباعية الحزينة التي كشفت عورات اتحاد كرة القدم ورجاله و المدير الفني للمنتخب المصري.