و غدآ يوم آخر

أصعب الأوقات هي أن نفكر بعقلانية عند الأزمات و الهزائم. و أن نحاول أن نتحامل على حزننا و غضبنا و أن نجد طريقة للوقوف و إكمال الطريق، و هذه هي سنة البطل و شيم العمالقة. أول أمر هو الإعتراف أن الهزيمة كانت ثقيلة و ليست عادية، و لا أريد أن أنزع من الهلال حقه، و لكن الهلال فعل ما فعله المصري البورسعيدي مع توفيق أكبر.



و لا أعتقد أن أي أهلاوي لم يلاحظ أو يتوقع هبوط أداء الفريق إلى المستوى الذي شهدناه، فأتمنى قبل ذبح الفريق و مدربه و أن يبدأ النقاد في وضع الهلال كبطل أفريقيا و العالم أن يجاوبني أحدهم على السؤال التالي:

ما هو الفريق الذي إستطاع أن يحصد كل البطولات القارية و المحلية في عامين، و فاز ب13 لقب في ثلاثة أعوام و فاز لبلده بكأس قارته و لم يحصل على فترة إعداد و لا راحة و لا إعادة تجهيز غير في 2005 ؟ الإجابة هي فريق واحد في التاريخ : الأهلي المصري.



و ما أقصده ليس "شماعة" أعلق عليها ما حدث في أربعة مباريات متتالية نال منها مرمى الأهلي ما لم يناله في موسم كامل أفريقيآ و محليآ. بل هو حقيقة، تخيل نفسك إذا كنت تلميذ أو في حقل العمل، أن تعمل 3 أعوام و تحصد نجاحات كبيرة و تذهب من مشروع إلى آخر أضخم منه، و من شركة منافسة لشركة أكبر، و تكمل طريقك بدون راحة لك أو لمعاونيك في العمل. مستحيل أن تستمر بنفس النجاح، و إذ كانت الشركات تدار بأسلوب أسهل لأنك تستطيع أن تعطي عطلات و راحة متباعدة للعاملين،أما فريق الكرة لا تستطيع غير إعطائه راحة لكل عناصره دفعة واحدة، لأن المنظومة يجب أن تكون متساوية.



فهل دخل الهلال أو الترجي أي معترك أفريقي أو عالمي في الأعوام الماضية؟ لا، هل فازوا بكل بطولاتهم المحلية، الإجابة لا، هل حصلوا على راحة ما بين المواسم، الإجابة نعم. و لو سألني أحد من تتوقع أن يكون المنافس للأهلي في الدوري، سأقول أي فريق حصل على وقت لإعادة التجهيز و الإعداد و تدعيم المراكز.



الخطأ الأكبر الذي فعلناه هو عدم تدعيم لاعبينا بمن "يشيل عنهم الحِمل"، فلاعبينا بالبلدي "جابوا جاز"، و لم يكن هناك من تخطيط لدعمهم بالبديل المناسب، بل على العكس تم التخلص من لاعبين قد يكون الفريق أحوج لجهودهم الآن كعبدالله و إستاكوزا و وائل رياض، و عدم إنهاء صفقة النفطي و فتح الله لهذا الموسم و الإنتظار حتى يناير.



ولا أحمل الخسارة بالأمس لجوزيه و لا اللاعبين، فأنا لا أعلم ما يحدث في غرف الملابس و تمارين الفريق الذي جعلت جوزيه يعلق مشاركة شوقي و حسن و وائل جمعة و متعب. و لم أتوقع أن يتقاعس أحدهم عن تأدية دوره لأنه منهمك بتقرير مصير إحترافه، و أسألهم هل في رأيك إحترافك و تخليك عن ناديك في وقت يحتاجك هو رد الجميل للنادي و قبله الجمهور؟ الطموح هو شيء رائع، و لكن التفاني و الإخلاص هو أروع.



حتى مباراة الأمس كان للتوفيق و القدر الدور الأكبر في النتيجة، فعماد و أحمد السيد لو أحرزا من الفرص السهلة لإنقلبت المباراة رأسآ على عقب، و لو لم يخطيء الحضري في خروجه للمرة الأولى من سنوات لما جاء الهدف الأول، و لو لم يصاب تريكة لكنا حاولنا التعويض، و لو لم يكن بركات و إسلام الشاطر متواجدون بسبب المضادات الحيوية و الأدوية لدعمهم صحيآ على المشاركة لكان الوضع مختلف. و لكن كل هذه العوامل هي أسباب لأن نخسر المباراة و بالشكل الدراماتيكي الذي حدث. و لو إنتهت المباراة ب2-0 لكانت أفضل مما حدث، على الأقل كان لدينا أمل أكبر في أن نتصدر مجموعتنا بناء على قاعدة نتيجة المباريات عند تعادل في النقاط. و لكن أتت المباراة بكل الدراما و الخسارات مرة واحدة، و هي قادرة على تدمير أي فريق من طراز عادي، و لكن الأهلي من طراز نادر و نفيس. من طينة الأبطال و جمهور يكره الفشل و يرفضه، و إذا كان الإخوة الهلاليون قد حاصروا الملعب و الإستاد لساعات و قاموا بالتهجم على لاعبينا، فردنا لا يكون غير في الملعب، فالرد الهمجي هو شيم الجبناء و ليس الأهلاوية، و إن كان قلة غبية قامت بهذه الأعمال، فلن ينجر جمهورنا إلى الرد غير بدعم الفريق ليعود و يضرب بقوة كعادته.



قدرنا الآن بيد الترجي، و ليس معناه أننا يجب أن نتخلى عن الأمل، فهو وارد، و إن أنصح أن نتعامل مع المباراة القادمة بنفس أسلوب الليجا الأسباني في العام الماضي. فقد قام لابورتا رئيس البارشا و كالديرون رئيس الريال بوضع مكافأة للفرق التي تواجه المنافس حيث أنهم لم يكن لديهم الدافع المعنوي، فمعظمهم ضمن البقاء في الدوري و هنا أتى الحافز المادي لتحفيز اللاعبين على الأداء الجاد. و لا أجد عيبآ في تحفيز لاعبي الترجي بمكافأة في حال التعادل و الفوز، فهي إستثمار قصير المدى حيث أن المركز الأول يؤهل الأهلي بنسبة كبيرة من النهائي و جائزة المركز الثاني على أقل تقدير، بينما المركز الثاني يضعنا في مواجهة النجم الساحلي في ظروف لا نتمناها و يتمناها النجم لرد إعتباره من كأس أفريقيا 2005 و كأس السوبر 2007.



أتمنى كأي من جمهور الأهلي أن يكون هناك وقفة من لجنة الكرة و قبلهم الكابتن حسن حمدي مع أفراد الفريق، و محاولة إصلاح الروح المفقودة، و إنهاء جميع الرواسب من خلافات اللاعبين و الضغوطات التي يتم وضعهم فيها يوميآ بسبب توالي الإستحقاقات المحلية و الأفريقية. و أتمنى أن يتم التخطيط لمدى أطول من نصف الموسم، فنحن بحاجة لدعم أبو تريكة و بركات و النحاس و متعب و جمعة و جلبرتو، و أن يكون هناك من يقوى على إكمال الطريق ليرتاح غيره و يلتقط الأنفاس و يكمل مرة أخرى، فالخيارات شبه معدومة، و هي ما أشرنا إليه مرارآ على الموقع، و لم نكن نرغب في أن نتدخل فيما لا يعنينا من أمور إدارية، لكننا أصبنا بإحباط بعد إنتهاء موعد التسجيل محليآ بدون أي أسماء قادرة على إكمال مسيرة الأعوام الماضية، و للأسف لا يمكننا تغيير الواقع الآن. لكننا نستطيع أن نعيد شحن الفريق و الجمهور، و إعادة الروح، فروح الأهلي لا تنضب بل هي متجددة دائمآ، و حينما يظن الخصم انه بفوزه أنهى أسطورة الأهلي، نعود لنفعل ما نجيده دائمآ، الفوز و الإنتصار.



دورنا كجمهور عاشق للفريق، أن نتخلى عن أي راحة و أجازة و مصيف و أن نكون وراء الفريق في كل مباراة ، بداية بالمحلة يوم السبت القادم، فبأيدينا نصنع نجاحنا، و لا يحق لنا أن نطالب أحد بإعادة النجاح إذا لم نؤدي دورنا المعروف، و هو شحن الفريق و إعادة هيبته عند سقوطه. فنحن العنصر الحي دائمآ خلف إنتصارات الأهلي، و نحن اللاعب رقم واحد، و تقاعسنا كتقاعس مجتمع للفريق و مدربه و إدارته. فالخسارة هي مؤلمة، و لكنها ليست النهاية، على الأقل لنا كجمهور أهلاوي، بل هي بداية، بداية ليوم آخر فغدآ دائمآ يوم آخر، يوم نجاح أهلاوي.