الفوضى (1)

من يتابع ما يحدث على الساحة الرياضية في الآونة الأخيرة لا يستطيع أن يجد كلمة يطلقها عليه أبلغ من كلمة فوضى ابتداء من اللائحة التفصيل للسيد حسن صقر وانتهاء بانتخابات ناديي الزمالك والإسماعيلي مروراً بالمسلسل المكسيكي الخاص باللاعب حسني عبد ربه ناهيك عن الانفلات في سوق انتقالات اللاعبين وتعاقدات المدربين وغير ذلك.

والحقيقة أن تلك الفوضى لم تعد السمة المميزة لحياتنا الرياضية فحسب، وإنما باتت السمة الغالبة على مختلف جوانب الحياة في مصر بل وأصبحت تنذر بما هو أسوأ في الأعوام بل في الشهور والأيام القليلة المقبلة.

وحيث إن الموقع معني فقط بالشأن الرياضي ولأن لكل مقام مقال فلن نتحدث هنا إلا عنه تاركين الحديث عن باقي الجوانب لفطنة القارئ وللمكان الذي يتناسب مع الحديث بشأنها.

· لن أتحدث كثيراً عن اللائحة الجديدة التي وضعها السيد حسن صقر لتنظيم عمل الأندية والاتحادات فقد أشبعها من سبقوني نقداً وتمحيصاً وتدقيقاً، ولعل في مقالات الأستاذ إبراهيم حجازي في أهرام الجمعة من كل أسبوع ما يغني عن الحديث عنها، ولكني لم أستطع إلا أن أبدي اندهاشي الشديد من جرأة هذا الرجل على الانفراد بتقرير مصير أكثر من 1500 ناد ومركز شباب على مستوى الجمهورية تضم أكثر من تسعة ملايين عضو إضافة إلى عشرات الاتحادات الرياضية يتبعها ملايين آخرون من الشباب المصري سيتأثرون حتماً ببنود هذه اللائحة العجيبة والغريبة والتي تتناقض في بنودها مع بعضها البعض وكأن الرياضة المصرية عزبة يتصرف فيها الرجل كيفما شاء، السيد صقر ألغى منصب نائب الرئيس بحجة أن النائب سيتطلع ليكون رئيساً في الدورة التالية وهو ما سيفتح باباً للخلافات مع رئيس النادي الحالي، في حين أن نفس الكلام ينطبق على أي عضو من أعضاء مجلس الإدارة الآخرين الذين قلصهم صقر من عشرة أعضاء منتخبين إلى ستة أعضاء في لائحته التفصيل، بنفس المنطق فليلغى مجلس الإدارة بالكامل وليبق الرئيس وحده ليدير شئون النادي أو الاتحاد، وإذا كان السيد صقر يرى أن منصب نائب الرئيس ليس مهماً فلماذا قام بترشيح نفسه على نفس المنصب في نادي الزمالك في نادي الزمالك في الدورة الانتخابية الماضية؟

علامات استفهام كثيرة تدور حول هذه اللائحة والتي جاءت لتكرس تدخل الجهة الإدارية في شئون الهيئات الرياضية بدلاً من أن يحدث العكس وهو التوجه المعمول به في كل أنحاء العالم والمبدأ الذي تعمل على إرسائه اللجنة الأولمبية الدولية بمنع التدخل الحكومي في شئون الاتحاد والأندية الرياضية، والأدهى من ذلك أن اللائحة المذكورة لم تتعرض من قريب أو من بعيد إلى أخطر ما يواجه الرياضة المصرية وما يجعلها لن تتقدم خطوة واحدة للأمام ما لم تحل هذه الإشكالية ألا وهي كيف يدير مجموعة من المتطوعين منظومة من المحترفين؟ كيف يجلس رئيس أو عضو مجلس إدارة من المفترض أنه لا يتقاضى أجراً على منصبه ليتفاوض مع لاعب حول مقدار الملايين التي سيتقاضاها؟ ثم نتساءل بعد ذلك من أين يأتي الفساد والسرقة ولماذا هذا التقاتل والتناحر على مناصب من المفترض أنها تطوعية.

· ما حدث في الإسماعيلية هذا الأسبوع أصدق تعبير عن عنوان المقال، فالبداية كانت مع قرار محافظ الإسماعيلية بتعيين المدعو سعد الجندي على رأس لجنة مؤقتة لإدارة شئون النادي الإسماعيلي لحين إجراء الانتخابات فكانت النتيجة أن عاث فيه فساداً وقام بتأجيل موعد الانتخابات إلى ما بعد انطلاق مباريات الدوري العام لعل وعسى أن تأتي نتائج الفريق في صالحه فيكسب رصيداً لدى أعضاء الجمعية العمومية – لا حظ أنه من المفترض أنه لا يحق له دخول الانتخابات من الأساس طالما كان على رأس اللجنة المؤقتة والتي مهمتها الوحيدة والتي جاءت من أجلها هي الإشراف على إجراء الانتخابات – ليأتي رئيس المجلس القومي للرياضة فيحل اللجنة المذكورة ويعين لجنة أخرى، وهنا يجن جنون الرجل فيبعث مليشياته المكونة من ثلاثمائة بلطجي لاحتلال النادي تحت حماية صديقه محافظ الإسماعيلية ومنع أي فرد من منه، بل ويقوم رجاله ومناصروه – بلطجيته بمعنى أصح – بتهديد أعضاء اللجنة الجديدة والمعينة من المجلس القومي للرياضة بالقتل وبتشويه وجوههم بماء النار!!! وفي النهاية حلاً للإشكالية يتم دمج اللجنتين معاً ويا دار ما دخلك شر قبل أن يقدم أعضاء اللجنة الجديدة استقالاتهم احتراماً لأنفسهم...هذا الذي أتحدث عنه يحدث في مصر وفي القرن الحادي والعشرين، وليس في إحدى جمهوريات الموز أو في زمن العصور الوسطى.

الحديث عن انتخابات النادي الإسماعيلي يقودنا للحديث عن المعايير المزدوجة للسيد حسن صقر في إدارة شئون الرياضة المصرية، ففي الوقت الذي يحاول فيه إرساء معايير النزاهة والعدالة في النادي الإسماعيلي يقوم بالتدخل بشكل سافر وفاضح لإنجاح صديقه ممدوح عباس في انتخابات نادي الزمالك بأي شكل – يجب الانتباه هنا إلى أنني أتحدث عن الموقف في حد ذاته ولا أتحدث عن شخص بعينه في نادي الزمالك فكلهم عندي سواء – فلماذا لا يقوم بتعيين لجنة مؤقتة لإدارة الانتخابات في نادي الزمالك وهو نفس ما يريد أن يفعله في نادي الإسماعيلي ونفس ما حدث في أماكن أخرى كثيرة أشهرها اتحاد كرة القدم، كيف يكون ممدوح عباس خصماً وحكماً في نفس الوقت؟ وخصوصاً إذا علمنا أن مجلس ممدوح عباس هو مجلس معين وليس منتخباً أي أن رئيس المجلس القومي للرياضة ليس ملزماً بإبقائه إلى نهاية مدته القانونية.

الإجابة باختصار...فوضى!!!

وللحديث بقية في مقال لاحق إن شاء الله.