منذ الآف السنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمة أصابت كبد الحقيقة بدون اي مواربة .. هذه الحكمة كانت وماتزال هي الرد الامثل على بعض المنتمين الى مهنة الصحافة في مصر وكان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت }
وهذا هو حال أصحاب الاقلام الصفراء والذين تقطر أحبارهم بالسم والحقد والغل نحو اي ناجح في اي مكان لنفاجئ بأن هناك العديد من الكتابات التي يقرأها المتابع للرياضة المصرية ويضحك ساخرا من مدى سذاجة ما يكتب في تلك المقالات.
وإذا كان هذا الامر ربما يكون مقبولا في الصحف المستقلة التي تعتمد بشكل كبير على الاثارة والازمات من أجل زيادة حصة التوزيع فهو يصبح غاية في الاستهجان اذا سمحت به جريدة قومية كبيرة في حجم وثقل وتاريخ جريدة الأهرام التي تصدر منذ 133 عاما وتحتل المرتبة الاولى في التوزيع .. ليصبح الموضوع عبارة عن سلطة تم تسليمها لمن لا يستحقها ليبث سمومه الى الملايين من قراء الجريدة.
ففي العدد رقم 44485 بتاريخ الاثنين 22 سبتمبر 2008 وفي الصفحة 15 صدمت من إحدى المقالات المكتوبة تحت عنوان "سر جوزيه" وهو عنوان كفيل بشد أنظار جميع متابعي الرياضة المصرية خاصة وانه يحمل اسم اشهر نجوم التدريب في مصر وأفريقيا والبرتغال وهو عنوان يجعل الجميع يكمل القراءة من أجل ان يفهم كيف استطاع الكاتب ان يكتشف سر "جوزيه" الذي فشل حسن عابدين في اكتشافه لسنوات طويله.
وتعالوا معا نحاول الاقتراب من سر جوزيه الذي فجره الكاتب بفضل ألمعيته وذكائه الغير معتاد والذي جعلني في لحظات اتذكر رمزي مساعد "دوله" في راجل وست ستات.
في بداية المقالة يتعجب الكاتب من أمر البرتغالي مانويل جوزيه ويقول " عجيب أمر الخواجة البرتغالي مانويل جوزيه مدرب النادي الأهلي.. والأعجب هو الموقف المتخاذل لمجلس الإدارة تجاه هذا المدرب الفلتة.. ويتعامل من منطلق إيه يا فرعون فرعنك.. ملقتش حد يردني " فهو يستنكر موقف البرتغالي مانويل جوزيه ويتعجب أكثر من موقف مجلس إدارة النادي الأهلي والذي يراه متخاذلا تجاه كل مايقوم به مانويل جوزيه وهو الموقف الذي يراه الكاتب داعياً للدهشة والاستغراب .. وهو أمر عجيب للغاية ان يطالب صحفي إدارة نادي بالتدخل في عمل المدير الفني .. ولكن التعجب يزول تماما اذا عرفنا ان الكاتب كان رئيس تحرير مجلة الزمالك في يوم من الايام واحد عشاق القلعة البيضاء في جريدة الأهرام والمعروفين في الوسط الصحفي بأنهم من أصحاب الدم الأبيض .. ويبدو ان سنوات طويله قضاها الصحفي في القلعة البيضاء جعلته يجد عدم تدخل ادارة النادي في عمل المدير الفني امر يدعو للدهشة والتعجب .. ونحن نتمنى ان تقوم جريدة الأهرام بإرسال الكاتب في رحلة علاجية بالخارج في احد الاندية المشهورة في العالم وليكن مانشستر يونايتد ليعرف ان الطبيعي ان يكون المدير الفني للفريق هو سيد قراره وان تدخل مجلس الادارة في عمل الجهاز الفني أمر لا يحدث سوى في مصر والعالم العربي فقط.
ويستطرد الكاتب قائلاً " نحن لا ننكر الانجازت والبطولات التي حققها علي مدي السنوات الخمس الأخيرة في انجاز سيذكره التاريخ كثيرا.." وهي جملة قرأتها بالحرف وبالمعني وبنفس الكلمات في عشرات بل مئات المقالات التي تنهال حقدا وسما على الساحر البرتغالي مانويل جوزيه بل إني اكاد اجزم ان الجملة السابقة اصبحت بمثابة ديباجة يجب ان يفتتح بها الصحفي هجومه على البرتغالي الذي قاد الاهلي لأفضل الانجازات حيث اصبح كارهي جوزيه على قناعة تامة بأنهم اذا كتبوا هذه الجملة سواء بكلماتها او بمعانيه فهم يسقطون عن انفسهم تهمة الحقد على مانويل جوزيه لإغراض أخرى وقديما قالوا "يكاد المريب أن يقول خذوني" ولكن مع تكرار الجملة السابقة أصبح الجميع يعرف ان من يكتبها هو يكتب تمهيد للهجوم على جوزيه.
ويضيف الكاتب " إلا أننا لن نقبل نبرة الغرور والتعالي.. حين يخرج علينا كل حين ويطلق سهامه ويؤكد أنه يفكر في الرحيل.. " والغريب في الامر ان الكاتب عندما اتخذ قاد ثورته البيضاء على نبرات الغرور والتعالي لدى المدعو مانويل بن جوزيه لم يحدد لنا من وراءه في عدم القبول فقد اكد الكاتب على لسان البعض بأنهم لن يقبلوا نبرة الغرور والتعالي وأنا اتسائل ببسطاه شديدة "ياترى مين وراه" هل يتكلم الكاتب باسم صحفيي مصر او باسم جماهير الزمالك او باسم جمعية الدفاع عن حقوق الفصيلة البيضاء القابلة للإنقراض .. فـ"نحن" في الموقع عندما نتحدث بصيغة الجمع فهي صيغة متعارف عليها لأننا نمثل قطاع كبير من جماهير الأهلي وثقت في اقلامنا وحبنا للنادي الأهلي واصبح بالتالي من حقنا ان نتحدث بصيغة الجمع التي تمثل قطاع كبير من جماهير الاهلي ولكن من المستحيل ان نحاول التحدث بالنيابة عن الجماهير المصرية بمختلف انتمائاتها.. والغريب أن الكاتب لم يشرح لنا كيف يطلق عليهم سهامه إذا كان يطالب بالرحيل فأنا لم أجد اي وجه للربط بين جملة السهام وجملة ان جوزيه يفكر في الرحيل ويبدو ان الكاتب قد تأثر بالمثل الدارج "اقلب القدرة على فمها ... وييجوا الغرب ويطردونا"
ويزداد تعجب الكاتب فيقول " المدهش والأدهي من ذلك أنه رفض قيادة التدريبات في اليوم التالي من مباراة القمة الإفريقية أمام الزمالك والتي انتهت بالتعادل الايجابي2/2 واكتفي بمشاهدته كمتفرج من علي دكة البدلاء.." ولا نعرف ماهو المدهش وماهو الأدهى في ان يعاقب مدير فني لاعبيه بعد ان خذلوه في مباراة كان يعتبرها مع جماهير الاهلي مباراة هامة .. فالكاتب لم يربط للقارئ محدود التفكير "مثلي" كيف يخرج علينا ويطلق علينا سهامه وبين انه رفض قيادة التدريبات في اليوم التالي لمباراة القمة .. الا إذا كان الكاتب هو الممثل الشرعي للاعبي الفريق الأول في الأهلي ويقدم بإسمهم شكوى رسمية للقارئ المصري .. وبالطبع يصعب على من تربى على عشق القلعة البيضاء ان يعرف ان التعادل في أعراف الفرسان والهزيمة ينزلون بمنزلة واحده .. ويصعب عليه إدارك ان من يطمح الى الفوز بالبطولة يجب عليه ان يعتبر الهزيمة والتعادل وجهان لعملة واحدة تدعى الفشل .. فالكاتب لم ينظر الى الدرس الذي اراد جوزيه توصيله الى لاعبيه بعد انتهاء المباراة بأن احترام الخصم والفوز عليه بشرف هو روح الرياضة مهما كان الخصم ضعيفا او ينتمي الى نفس البلد.. فاللعب من أجل الفوز هو شعار الاهلي وسيبقى الى الابد وهو مايزرعه جوزيه في نفوس اللاعبين وهو الامر الذي لا يعرفه المنتمين الى القلعة البيضاء.
ويكمل الكاتب قائلاً " وللأسف الشديد لم يجد هذا التصرف المستفز أي صدي لدي المجلس الذي تعامل مع الموقف كالعادة بمنطق: لا أري.. لا أسمع.. لا اتكلم.. وترك له العنان ليفعل ما يشاء دون رادع أو حسيب.." وهنا يكمل الكاتب الكوميديا التي يبدو انه بارع للغاية فيها ويجد القارئ نفسه يتسائل ماهو الصدى الذي يجب على المجلس إتخاذه من اجل الرد على هذا التصرف المستفز على حد قول الكاتب .. وأجدني اتسائل هل يتحدث الكاتب عن نفس الموضوع السابق أم انه قد تطرق الى امور تخص قضية الأسرى المصريين في حرب الايام السته .. وأجدني اتسائل مره أخرى مالذي فعله جوزيه ليستحق الردع والحساب .. هل حب القلعة الحمراء قد تحول الى جريمة تستحق العقاب في وجهة نظر الكاتب .. ربما ..
وتستمر الكوميديا السوداء بقوله " وسيأتي اليوم الذي سيوجه سهام نقده إلي المجلس نفسه.. ويطالب بتغييره بدعوي أنه لم يوفر له لبن العصفور.. ولما لا وكل شيء متوقع من هذا البرتغالي فارس عصره مادام غض المجلس بصره تجاه تصرفاته وأفعاله المستفزة.." فالكاتب قد تحول بقدرة قادر من صحفي الى قارئ للغيب يفتح الودع ويعرف ماسيحدث في المستقبل القريب .. فهو لم يقل أنه قد يأتي يوم .. بل استطاع ان يجزم بصيغة التأكيد بأنه سوف يأتي اليوم الذي يهاجم فيه جوزيه ادارة النادي الاهلي والمضحك ان يصل الكاتب الى السذاجة التي يتصور فيها ان قوله بأن جوزيه سيطالب بتغيير مجلس الادارة سوف يجعل اعضاء المجلس يشعرون بالخوف على كراسيهم التي قد يتنزعهم الكونت جوزيه من عليها .. وتناسى انه يوجه حديثه الى مجلس ادارة النادي الاهلي وليس مجلس ادارة ناديه الابيض.
ويقول الكاتب " ويفتح المجال للغمز واللمز ويثير علامات الاستفهام ويطرح تساؤلا مهما هل هناك سر خفي بين المجلس وجوزيه لا نعلمه يدفعهم لالتزام هذا الصمت الرهيب تجاه استفزازاته وشطحاته؟!.. " وهنا يخلع الكاتب عباءة قارئة الفنجال ويرتدي جلابيه ويمسك أرجيلة ويتحدث بلغة شيخ الحارة في روايات نجيب محفوظ وكنت اعتقد انه من الواجب عليه ان يختم الجملة السابقة بكلمة " مالناش دعوه بحد ياعم دع الخلق للخالق" وجماهير الأهلي يهمها ان تعرف من الكاتب ماهو السر الخفي الذي من الممكن ان يجمع بين مجلس الاهلي وجوزيه والغريب ان الكاتب استخدم اسلوب من التلميح لا يصدر من شخص من المفترض ان يكون على قدر من المسئولية وهو الامر الذي قد يجعل البعض يتسائل بنفس الاسلوب .. هل هناك سر خفي بين الكاتب وجوزيه لا نعلمه يدفعه لشن مثل هذا الهجوم على المدير الفني للقلعة الحمراء؟ واذا كان عشاق القلعة الحمراء يعرفون جيدا سر كراهية الكاتب الابيض لجوزيه فيجب على الكاتب ان يعرف ايضا ان السر الذي يجمع بين جوزيه ومجلس الاهلي هو احترام كل منهما لعمل الطرف الأخر وعدم تدخلهم في امور لا تخصهم.
ونأتي الى الخاتمة التي أجمع عليها جميع كارهي جوزيه وهي " خصوصا أن هذا الفلتة البرتغالي مهما علا شأنه وحقق من البطولات والانجازات لن يقف عنده النادي الأهلي بتاريخه لأنه هو الذي يصنع المدربين والنجوم.. فالاستقرار الذي وفره له المجلس هو القاسم المشترك في كل إنجازاته.. " وهي جمله سمعناها وقرأنها مئات المرات على ألسنة وأقلام كارهي انجازات القلعة الحمراء فبعد ان كان لاعبي الاهلي هم القاسم المشترك في جميع انجازاته ورد جماهير الاهلي بأن في الزمالك لاعبين على افضل مستوى وان ريال مدريد كان يضم نجوم العالم وكان يخسر جميع البطولات .. تحولت النغمة الى الاستقرار الاداري .. المهم بالنسبة لهم ان يتم سلب الانجاز من مانويل جوزيه وان يكون وجوده مثل عدمه.
ونختتم بطرفة او نكتة قرر الكاتب ان يسلي بها صيامنا حين يقول " لعل جوزيه يأخذ العبرة من الانتحار الاداري في نادي الزمالك.. فرحمة بالأهلي وجماهيره يا أيها الفلتة البرتغالي!" وهي جمله لا تستحق التعليق خاصة بعد كلمة الانتحار الاداري في نادي الزمالك وهو ما يتمنى الكاتب ان يحدث مثله في النادي الاهلي بتدخل الادارة في عمل المدير الفني .. أما الرحمه التي يجب طلبها من الفلته البرتغالي فهي الرحمه بالزمالك وجماهيره من الهزائم المتتالية التي نالتها القلعة البيضاء على أيدي الفرسان تحت قيادة الساحر البرتغالي الذي لا يعرف الرحمة.
الخميس سبتمبر 25, 2008 9:36 pm