فى مدرجات استاد مختار التتش بالنادى الأهلى بالجزيرة وبالتحديد فى مباراة الترسانة الودية ، والتى أقيمت مساء يوم الثلاثاء ووسط جو حماسى من الجماهير الأهلوية العاشقة لانتصارات الأهلى وبطولاته ، ووسط الأهازيج والأغنيات التى يشدو بها الجمهور الأهلوى ينتظر ويتشوق للقاء غريمه التقليدى ليجهز عليه ويطيح به خارج البطولة التى يتأهب لاستعادتها ، واسترداد عرشها المسلوب ، علا صوت السباب وارتفعت صيحات الاستهجان ، وعبرت الهتافات عن اشمئزازها من تصريحات الحارس الهارب الذى بدأ حياته فى كفر البطيخ .
نعم إن السبب الأساسى وراء اشمئزاز الجماهير من الهارب تصريحاته ، والتى لا تعرف وأنت تستمع له أتضحك من سذاجة الحديث وثقافة قائله أم تغضب مما وصل إليه حال بعض النجوم فى بلدنا ، لاتدرى ماذا يريد أن يقول ، ولاتعرف إلى أى اتجاه يسعى ولا أى مقصد يريده ، وغالبًا ما تشعر وهو يتحدث أنه ( موجَّه ) أى أن أحدًا قد لعب برأسه لوجهة ما ، فعل ذلك مثلما عاد من سويسرا وسط هالة من الكذب وعاصفة من الاعتذارات الساذجة والتوسلات العاطلة من العاطفة أن يعفو عنه المسئولون فى النادى الأهلى حتى أدى مباراة الأرجنتين وكان منتشيًا قبل المباراة لايعتذر فى ذلة ولا انكسار ولم يعترف بخطئه ولو لمرة واحدة ، ولأن لجنة الكرة ومجلس الإدارة لم ينطلى عليها ذلك التلون ولأن المجلس كان يستشعر خطورة الموقف أسفرت الاجتماعات عن توقيع عقوبة مخففة ( بالنسبة للجرم الذى لايغتفر ) على أن يوقع الهارب على أوراق رغبته اللعب فى الأهلى وليأخذ الأهلى حقه ممن غرر به .
ولكنه كان ( موجهًا ) رفض التوقيع على أى ورقة تثبت ولو قليل من حسن النية بل على العكس أكدت للجميع وضاعة السيناريو المرسوم له ، ولما أدى مباراة الأرجنتين ورجع ( بخفى حنين ) ، فاجأ الجميع وهو يدعو و( يحسبن ) على الشخص الذى هو السبب فى رحيله ، وطبعًا ليوجه أنظار السُّذج من الجماهير التى يمكن أن تنخدع فى هذا الدعاء لتنسى موقفه الغادر وهروبه الخسيس ، ويكسب التعاطف الذى ( وُجه ) إليه ممن رسم له طريق الهروب وزين له سبيل الفرار .
تصريحات الهارب ( الذى صار بفضل النادى الأهلى وبجهود - العظيم أحمد ناجى- الحارس الأول لمنتخب مصر ) هى دائمًا غريبة فى شكلها ومضحكة فى مضمونها ، تارة يتهم جوزيه أنه وراء هروبه وأنه لن يعود مابقى جوزيه ، وأنه مقتنع بما فعل وهو لايخطو خطوة إلا وهو مقتنع بها ، وتارة تراه يخادع و يماكر فى الحوار ويدعى أن الأهلى بيته ولن يلعب فى مصر إلا للنادى الأهلى ومسألة جوزيه لاتعنيه فهو محترف ولايعنيه اضطهاد جوزيه - سبحان الله – لكن ماذا نقول غير المثل (قالوا للقردة اتبرقعي قالت وجهى متعود على الفضيحة ) .
ودعنا من جوزيه فالرجل أسقطه من حساباته لأنه ( وهو الأجنبى ) ينتمى للنادى أكثر ممن غمره فضل النادى وصنعه وأهدى له الجمهور العظيم نجوميته وعبارة ارتبطت به فى الانتصارات ، دعنا من جوزيه الذى يعتبر النجم الوحيد هو الفريق ، فهل يتصور عاقل أن الجمهور الواعى الذى أحبه ورفعه لقمة حراس المرمى فى تاريخ الوطن أن يغفر له أو أن يقبل عودته ؟ ودعك من الجمهور ثانية فهل يقبل مجلس الإدارة الذى يغار على مصلحة النادى ، ولايفرط فى هيبته ولايسامح فى كبرياء النادى المصالحة مع من غدر بالفريق وهو فى أمس الحاجة لجهوده ؟ وخير من يجيب هو إبراهيم سعيد الذى أعلن فى كل وسائل الإعلام وبكل معانى الندم رغبته فى العودة لأحضان النادى الأهلى ومع ذلك لم يقبل أحدًا أن يعود إبراهيم سعيد ( رغم الحاجة لمدافع فى مركز الليبرو ) ثم يعاود أدوار التمرد وفصول المشاكل .
الهارب يعلم جيدًا أن أحدًا لن يقبله لا الجمهور ولا جوزيه ولا مجلس الإدارة من قبل ، ومع ذلك فهو يظهر وجه البراءة ويرتدى ثوب الوفاء ويحاول فى كلمات بكيئة لا تصل إلى قلب الجمهور الأهلاوى ولا تخترق نظرة جوزيه ولا تشفع عند مجلس الإدارة ، ويحاول إظهار الرغبة فى العودة للنادى الأهلى ملمحًا إلى عروض أوربية ومحلية ، والجمهور بكامله هذه المرة لم يعد يرى فيه أى فائدة ويبدو أنهم قد أشعلوا له شمعة منذ عاود الرحيل مرة أخرى ولم يعد أحد ينتظره لعرين الأهلى الذى بدأ يتربع عليه أمير عبد الحميد ومن خلفه الحارس الفلسطينى رمزى صالح ومعهما الناشئان الواعدان أحمد عادل والشناوى وبعد أن زالت فترة الخطر التى ترك الهارب فيها النادى غير مبال بالضرر الذى ألحقه بالفريق ،
إذا ما السر فى تلك التصريحات ؟ وماالداعى لهذا التغير الذى جعله يعترف لأول مرة أنه أخطأ فى الطريقة التى رحل بها ؟
الاحتمال الأول أن يكون من حوله ( مثل محاميه اليهودى ) قد نصحوه أن يكسب ود الأهلى وأن يحاول أن يلجأ إلى الحل الودى وأن قرار المحكمة الرياضية قد أوشك على الحسم وأن العقوبة الدولية تنتظره ، وأن ستة أشهر من الإيقاف كفيلة أن تقضى على مشواره الذى من الصعب أن يتصل عند مشارف الـ 37 عامًا فيحاول بذلك فتح قنوات للحوار المرفوض تمامًا .
الاحتمال الثانى : أن ناديًا محليًا قد عرض عليه الانتقال له بمبلغ خيالى لم يصل إليه من أى مكان آخر ولا من أى دورى فى العالم ، فقرر أن يغتنم تلك الفرصة ويحصل على الملايين ( وهو يعشق الملاليم فمابالك ؟ ) ويعود إلى مصر بعد أن يكسب تعاطف جزء كبير ( كما قيل له ) من جمهور الأهلى الذى سيرى وقتها أنه عاد إلى ناديه أولاً وأدى ماعليه ولم يقبله ناديه ؛ فيكون بذلك قد رفع عن نفسه الحرج ، ولا يهم مابعد الملايين مثل المثل القائل : (علشان حتة بطيخ عمل مشكله وصريخ )
الاحتمال الثالث : بقى احتمال أن الهارب بات القلق يساوره على مستقبله فى ناديه الذى هرب إليه طواعية والذى بدت فيه الغيوم سريعًا بعد أن كان يزعم أنه سيجلب له البطولة كما كان ينعم على الأهلى ومنتخب مصر بالبطولات التى لم تكن تأتى لولا عبقريته فقد استقبلت شباكه سبعة أهداف فى أقل من أربع مباريات ولم يحفظ شباكه نظيفة إلا فى مباراة واحدة ، وربما لو استمر على هذا المنوال هناك لصار هداف الدورى السويسرى بلا منازع أو منافس . كما أن مدرب الفريق( الألمانى الجنسية ) قد أعلن وبعدما أنه سيمنح الحارس البديل ( الألمانى الجنسية ) فرصته فى غياب الهارب الذى نال الكارت الأحمر فى آخر مباراة قبل أن يلحق بالمنتخب الوطنى لمباراة الكونغو .
عمومًا ( ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود ) وإن غدًَا لناظره لقريب ، وستكشف الأيام القادمة وبعد مباراة القمة القادمة ، وردة فعل الجماهير الأهلاوية إزاء تصريحات ذلك الهارب ما وراءها ومن خلفه ، وقتها ستكون العبرة لمن لايعتبر وسيكون حكم الجمهور الذى يتولى الآن متابعة الأحداث ويترقب المزيد من التكالب على المال للحارس غير الأمين وتسقط ورقة التوت عمن ناصروا الخيانة واستهانوا بالمبادىء ، واستخفوا بعقول الجمهور الذى لايخفى شيء على ذكائه وفطنته .
الإحتمال الرابع: أن ما يتم تسويقه عن وجود عقود فرنسية و إنجليزية للحضري هو صحيح، و بما أن الحضري لا يستطيع الانتقال إلى أي ناد بالبطاقة المؤقتة، و إن الهدف الرئيسي من الرحيل كان صفقة من الطراز الثقيل. فإن الحضري توقع أن يساعده الاتحاد و المنتخب في إقناع الأهلي بحل الأمر ودي بأسلوب "قعدة العرب" لكن تداخل الموضوع بقضية حسني و هاني سعيد و البث جعل الموضوع مستحيلاً، و أعطى الأهلي كل الحق في إكمال العقوبة حتى النهاية. و بما أن مصر تأهلت إلى الدور الثاني و "دخلنا في الجد" فأنه يتوقع أن يستمر مسلسل الهجوم ضده، و هو ما سيضعف صورته أمام الأندية المهتمة به، و قد يقومون بإلغاء الصفقة. و هو ما يضع الهارب "بطوله" أمام الأهلي بعيداً عن كل من وجهه أو "فبرك" الموضوع بهذا الشكل، و يعلم الهارب أن العقوبة ستعني انتهاء مستقبله الرياضي و ضياع أي فرصة لعقد عالمي كما يحلم وعلى رأى المثل ((تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي)).
و مع الوقت ستظهر أي من هذه الإحتمالات هو الأقرب للواقع
الخميس سبتمبر 25, 2008 9:43 pm