أصبح لافتاً للنظر ومثيراً للانتباه في الفترة الماضية هو وجود الأهلي طرفاً أساسياُ في كل أزمات الكرة المصرية الأخيرة، بل صار هذا محلاً لتندر البعض قائلاً إن شعار "الأهلي فوق الجميع" قد تحول إلى "الأهلي يعادي الجميع".
والحقيقة أن المقولة السابقة هي كلمة حق يراد به باطل، ففي الوقت الذي نقر فيه بصحتها فإننا نؤكد كذلك على سوء نية مرددها وعلى الغرض الخبيث من وراء ترديدها بأن الأهلي دائماً على خطأ فهل يعقل – من وجهة نظرهم - أن تكون كل هذه الأطراف على باطل والأهلي وحده على الحق.
ولأن الكثرة ليست بالضرورة تعني الصواب وكما جاء في القرآن الكريم "ولكن أكثر الناس لا يعلمون" وفي مواضع أخرى لا يشكرون ، ولا يعقلون، وبالمقابل أيضاً فالقلة لا تعني الخطأ.
ما يحدث على الساحة حالياً أكبر بكثير من مجرد صراع على ضم لاعب مثل حسني عبد ربه أو هاني سعيد أو غيرهما، أو بث بعض المباريات على قناة من القنوات من عدمه، وإنما هو تحالف بين قوى كثيرة وعديدة جمعها هدف واحد هو إسقاط النادي الأهلي وإزاحته عن موقعه بأي ثمن، والقوى المعنية بالأمر تتلخص في:
1- السلطة: وهي لا تفعل ذلك عداء للأهلي أو كراهية له، وإنما من أجل إيجاد توازن على الساحة المحلية يجعل الناس تنشغل وتنصرف إلى تنافس محلي حاد بين قوتين متكافئتين بدلاً من انفراد قوة واحدة بالساحة مما يؤدي إلى انصراف الناس عن كرة القدم وضعف انشغالهم بها، وهذا لن يتأتى إلا بإضعاف الأهلي وتقوية الزمالك في نفس الوقت.
2- أصحاب المصالح: من المسئولين في الرياضة المصرية وتحديداً في اتحاد كرة القدم، والذين من مصلحتهم تقوية المنافسة المحلية وإيجاد نوع من التكافؤ كي ترتفع القيمة المالية للمسابقة المحلية مما يعود بالفائدة عليهم بشكل مباشر في صورة عمولات وسمسرة وإعلانات وما إلى ذلك، أضف إلى ذلك ارتباط بعض أعضاء اتحاد الكرة بعلاقات عمل ومصالح برجال الأعمال من رؤساء الأندية المنافسة مثل يحيى الكومي سابقاً وممدوح عباس حالياً.
3- الفاشلين: وهذه النقطة لا تحتاج إلى تفسير أو توضيح فمن الطبيعي أن أي شخص فاشل إن لم يجد سبيلاً للنجاح سيسعى لأن يكون الناجحون فاشلين مثله، وهذا سلوك إنساني طبيعي ومتوقع.
يتضح لنا مما سبق أن ما يحدث على الساحة هو نتيجة اتفاق الأطراف الثلاثة (السلطة – أصحاب المصالح – الفاشلين) على إضعاف النادي الأهلي وكسر شوكته، فإذا استوعبنا هذه الحقيقة استطعنا أن نجد تفسيراً لكل ما يحدث حولنا بدءاً من المماطلة في إتمام انضمام حسني عبد ربه للأهلي على مدى أربعة عشر شهراً كاملة، انتهاءً بأزمة القناة الفضائية الأخيرة وحرمان الأهلي من حقه المشروع في إذاعة وتسويق مبارياته مروراً بدعم الحارس الهارب وعدم توقيع أي عقوبات عليه، ومروراً أيضاً بإجبار اللاعب هاني سعيد على التوقيع على عقد للانضمام لنادي الزمالك في فضيحة تاريخية غير مسبوقة، إضافة للحملة الشرسة على النادي الأهلي في الصحف والفضائيات المختلفة.
الحرب على النادي الأهلي تأخذ صوراً وأشكالاً متعددة منها:
1- وضع العراقيل على انضمام أي لاعب جديد لصفوف الفريق وخاصة لو كان لاعباً مؤثراً (لو كان الزمالك هو المعني بأزمة اللاعب حسني عبد ربه لكان يلعب حالياً في صفوفه منذ الموسم الماضي).
2- محاولة اختلاق المشاكل وبث الفتنة سواء في صفوف الفريق مثل تلك الأزمة التي يريدون اختلاقها من لا شيء حول شارة قيادة الفريق بين شادي محمد وأحمد حسن، أو حتى في داخل صفوف الإدارة نفسها وفي هذا الشأن أرجو الرجوع لمقال محمد سيف الدين في أهرام الجمعة الماضية ومحاولته الخبيثة تصوير وجود من يسعى داخل إدارة النادي الأهلي إلى تشويه صورة رئيس النادي وتوريطه في معارك خاسرة.
3- حرمان الأهلي من مصادر التمويل، وأهمها القناة الفضائية التي استغرق إتمام إجراءاتها أربعة أعوام كاملة في حين أن قناة من قنوات العري والإباحية لا تستغرق إجراءات إنشائها أكثر من أسبوع واحد، في دراسة جدوى أعلن عنها الكابتن محمود الخطيب بالأمس جاء فيها أن من المتوقع أن المباراة الواحدة المذاعة على القناة ستحقق دخلاً من الإعلانات يصل إلى 15 مليوناً من الجنيهات في حين أن جميع مباريات الدوري قد بيعت لخمس محطات فضائية بنفس المبلغ بواقع ثلاثة ملايين للقناة الواحدة!!!، بالمناسبة إحدى هذه القنوات بالمناسبة حققت دخلاً من مباراة السوبر وحدها وصل إلى سبعة ملايين جنيه، هل أدركتم الآن لماذا تحارب قناة الأهلي الوليدة ولماذا توضع أمامها العراقيل، ولماذا تعرض النادي الأهلي في الأيام القليلة الماضية للسب والردح والإهانة على لسان شلبي والغندور وشوبير وتوابعهم.
4- التحكيم الجائر في مبارياته، وبدأ ذلك بالفعل من الموسم الماضي بقيادة كاره الأهلي جمال الغندور، ويبدو أن هذا السيناريو قد بدأ مبكراً هذا الموسم في مباراة روما الودية على يد الحكم ياسر عبد الرءوف وهو مرشح للاستمرار والتصاعد حتى نهاية الموسم.
5- الحملات الإعلامية المتواصلة وقلب الحقائق وتزييفها وإلباس الباطل ثوب الحق، وذلك للنيل من شعبية الأهلي التي تعاظمت بشكل غير مسبوق في السنوات القليلة الماضية بفضل الانتصارات المتوالية والبطولات الكثيرة التي حققها الفريق، حتى بات الأهلي بات رمزاً للنجاح عند كثير من المصريين في ظل التردي الذي تعيشه بلادنا على كافة الأصعدة.
الأهلي في مواجهة هذه الحملة لا يملك بعد حفظ الله عز وجل سوى دعم جماهيره ومساندتها التي يحتاج إليها الآن أكتر من أي وقت مضى وهي القادرة بإذن الله على إفشال هذه الهجمة الشرسة.
حقيقة ما حدث في أزمة حسني عبد ربه
سبق لي أن علقت مرة وحيدة على أزمة اللاعب حسني عبد ربه، وكانت في صورة مقال غاضب حملت فيه بشدة على الكابتن حسن حمدي رئيس النادي، ولقي هذا المقال ردود فعل واسعة كان منها المؤيد ومنها المعارض، وامتنعت عن التعقيب بعدها حتى عندما أصدر الأهلي بيانه الذي أعلن فيه تمسكه بحقه في اللاعب، وبعدها تم إصدار البيان الذي أسدل الستار على القضية بتنازل الأهلي عن حقوقه في اللاعب وعدم شكواه هو أو الاتحاد المصري لكرة القدم مع الاستمرار في مقاضاة نادي ستراسبورج الفرنسي!!!
وبعد إسدال الستار وجدت أنه من الضروري توضيح بعض الحقائق – السلبية في أغلبها للأسف – والتي يجهلها معظم الناس حول هذا الأمر، وهي كالتالي:
1- تعرض الأهلي منذ اللحظة الأولى بعد صدور حكم المحكمة الرياضية الدولية لضغوط هائلة وعلى أعلى المستويات من أجل التنازل عن حقوقه في اللاعب، وكان واضحاً أن حكم المحكمة لن يتم تنفيذه مهما حدث.
2- تم الاتفاق بين الكابتن حسن حمدي رئيس النادي وسمير زاهر رئيس الاتحاد على تنازل الأهلي عن حقوقه في اللاعب قبيل مباراة مالاوي في تصفيات كأس العالم، وسافر بعدها حلمي عبد الرازق المستشار القانوني للنادي إلى فرنسا لإبلاغ النادي الفرنسي بعدم ممانعة الأهلي في التوصل لحل ودي بينه وبين الإسماعيلي، وأؤكد هنا بكل وضوح أن ستراسبورج لم يغدر بالأهلي وأنه لم يعلن عن التوصل للحل الودي مع الإسماعيلي إلا بعد الحصول على الضوء الأخضر من مسئولي النادي الأهلي.
3- كان مقرراً أن يعلن الأهلي عن تنازله عن حقوقه في اللاعب بعد إعلان التوصل إلى الحل الودي بين ستراسبورج واللاعب بحجة الحفاظ على مستقبل اللاعب وعدم إيقافه والحرص على مسيرة المنتخب الوطني في تصفيات كأس العالم.
4- فوجئت الإدارة بردة الفعل الجماهيرية الغاضبة غير المسبوقة وغير المتوقعة مما جعلها تقع في ورطة وتؤجل إعلان موقفها مرة تلو الأخرى وحاولت في ذلك الوقت ضم هاني سعيد في صفقة تبادلية مع الإسماعيلي لحفظ ماء الوجه، ولكن لم يكن هناك ما يدعو الإسماعيلي لعقد هذه الصفقة بعد أن تنازل الأهلي عن حقه وفي ظل ضغوط رئيس المجلس القومي للرياضة لتوجيه اللاعب إلى الزمالك لتدعيم موقف ممدوح عباس قبيل انتخابات نادي الزمالك.
5- أصدر مجلس إدارة النادي الأهلي بياناً يعلن فيه التمسك بحقوقه في اللاعب، وللأسف لم يكن البيان جدياً وإنما كان لمجرد امتصاص ردة فعل الجماهير الغاضبة وانتظاراً للوقت المناسب لإعلان التنازل الذي تم قبلها بفترة.
6- الوقت المناسب من وجهة نظر الإدارة جاء بعد الفوز على الزمالك في مباراتين متتاليتين إفريقياً ومحلياً وفرحة الجماهير بتحقيق هذا الإنجاز وتم بعدها الاتفاق على تسوية تحفظ ماء وجه مجلس إدارة النادي الأهلي بإقرار اتحاد الكرة بحق الأهلي في اللاعب وإصدار الأهلي بعدها لبيانه الذي أعلن فيه التنازل والذي جاء متأخراً عن موعده الحقيقي بما يزيد عن شهر كامل.
7- ليس صحيحاً أن الأهلي سيقاضي ستراسبورج ولم تتخذ حتى الآن أي خطوات جادة في هذا الشأن ولن يحدث وذلك لسببين أولهما أن ستراسبورج هو الطرف الوحيد المحترم الذي تعامل معه الأهلي خلال الأزمة من الأطراف الأربعة (اتحاد الكرة – الإسماعيلي – ستراسبورج – اللاعب)، والثاني هو أن النادي الفرنسي لم يقدم على خطوة الحل الودي مع الإسماعيلي إلا بمباركة الأهلي وبموافقته وهو عكس ما أشيع للأسف.
8- لو كان الأهلي قد صعد الأمر إلى الاتحاد الدولي لكان قد تم إيقاف اللاعب لمدة تتراوح من أربعة إلى ستة أشهر، وكان أيضاً سيتم توقيع عقوبة قاسية على اتحاد الكرة بخصم نقاط من منتخب مصر في تصفيات كأس العالم لعدم الالتزام بتنفيذ حكم المحكمة الرياضية الدولية، وهما الأمرين الذين تم إبلاغ مجلس إدارة النادي الأهلي منذ بداية الأزمة أنهما خط أحمر وأن الدولة لن تسمح بحدوثه بأي شكل من الأشكال لأن الصعود إلى كأس العالم القادمة هو هدف يجب تحقيقه بأي ثمن.
هذه هي حقيقة كل ما حدث في تلك الأزمة منذ صدور حكم المحكمة الرياضية وحتى إسدال الستار عليها بيان التنازل الذي صدر عن مجلس إدارة النادي الأهلي، وأترك لكم الحكم والتعقيب.
كلمة أخيرة بعيدة عن كل ما سبق وهي متعلقة بحارس مرمى الفريق أمير عبد الحميد، اللاعب يحتاج منا الدعم والمساندة ومن الخطأ أن نقف له على الواحدة مثلما يقولون، ومن الظلم أيضاً مقارنته بالحارس الهارب في كل مرة يخطأ فيها، فنحن هنا نقارن بدايات حارس بنهايات حارس آخر، ومن منا ينسى مستوى الحارس الهارب قبل عودة مانويل جوزيه وأحمد ناجي إلى الفريق عام 2004، وليس مطلوباً سوى الصبر على أمير ومساندته لأنه حارس موهوب وسيكون له شأناً آخر مع توالي المباريات ومرور الوقت بإذن الله
"كل الأفكار المنشورة تمثل رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع"